المدرسة: تاريخ المدرسة منذ النشأة إلى ما بعد الإنسانية
دفعني الاستغراق في الصغر لأجد تشوهًا كبيرًا لم يصبني فحسب، بل أصاب الجميع كرَدِّ...
Also Available in:
- Amazon
- Audible
- Barnes & Noble
- AbeBooks
- Kobo
More Details
دفعني الاستغراق في الصغر لأجد تشوهًا كبيرًا لم يصبني فحسب، بل أصاب الجميع كرَدِّ فعل لشيء يؤثر بالسلب أو الإيجاب وبالقرب أو البعد على مَن حوله، ولم توقفني فكرة أن محاولة إيجاد الحل فيما مضى هي عملية حبس وجلد للذات؛ لأنني تجاوزت ذلك بأني جلدت ذاتي بكل الوسائل المُمكنة التي لا تحب أن تسمع عنها، وربما شاركني البعض تلك الوسائل لجلد الذات، فأنا لست وحدي في ذلك، بل نحن طائفة كبيرة ولكنها تضيق؛ لأن فرقة منَّا تُنكر وفرقة اعترفت اعترفًا كاملًا بهذا الشعور، بعد هذا التحرر تتبعت مرحلة الصغر كأني أفحص تلك المدة بنظرة مُتناهية الصِغر لأرى كل ما كان وأتذكره، وصدقني حين أُخبرك أنها تجربة مؤلمة أن لا تحول ذاكرتك عن أحداث بعينها تعرضت لها في حياتك.
في النهاية أمسكت بطرفين من السؤال؛ الطرف الأول هو: كيف تربينا؟ ما التربية؟ وهذا الطرف يمكن تسميته "التربية"، أما الثاني فهو التغيير المُتسارع الذي لم يشهد التاريخ مثله، وهذا الوصف ليس مبالغة أدبية، فأنا لا أحسن هذه الصيغة الدرامية في وصف ما هو كائن، بل إنني بالكاد أعرف كيف أكتب ما يتضح به المعنى الذي يحمله فكري.
دعني أحدثك عن كل طرف منهما قبل الدخول إلى نهار عصر النهضة، وظهور أول لوازم إنشاء المدرسة في العصر الحديث.
الطرف الأول التربية وما تعرضنا له بشتى الطرق والوسائل المُختلفة في العملية التربوية من الأبوين، وما شكل فكرهما، ومن الجيرة وأحكامها، ومن المجتمع ورأيه العام المُقدس، ومن المدرسة وتشكيل الأفكار بحسب منهج السَّنة التي ندرس فيها، والحقبة التي تمر منها إحدى مراحل التعليم المدرسي، فالتربية -صدق أو لا تُصدق- لا علاقة بينها وبين مفهوم المدرسة، بل إن تعريفات التربية "الاجتماعية" إلى يومنا هذا لا علاقة لها بوسط دون وسط، ولكن العملية التربوية هي عملية عميقة داخل الجنس البشري، وهي عملية نقل المعرفة والتجربة من جيل إلى الجيل الذي يليه، وهذه عملية أصيلة مُرتكزة في فطرة البشر، ولعلها تكون أخطر أنواع العمليات الاجتماعية التي تتم في حياة المخلوق البشري.
بل إن أعظم أسباب الكفر والثورات ما كان عليه الآباء والأجداد، التغيير الأكبر للبرادايم الذي صدعنا به المُثقفون، أي تغيير النموذج أو الأنموذج الذي عليه البشرية يكون بالجيل الجديد الذي تأثر بالسلب أو الإيجاب من العملية التربوية التي تشمل كل جوانب نُمو الفرد في المُجتمع. فإن كنت تقرأ هذا الكتاب لتزداد عداوة للمدرسة فلا تقرأه... دعه لأنه لا يتحيز لهدم المدرسة، إنما يدفع البحث الحقيقي في شأن المدرسة إلى معرفة أن الخلل هو في العملية التربوية نفسها، فالمدرسة ومناهجها لا فرق بينها وبين التأسيس لفلسفة تربوية خرجت من بين كتابات جون لوك، أو سبقه فيها مارتن لوثر، أو لحقهم هربارت سبنسر، فكل ذلك ما هو إلا الفكر الذي يخرج مُجتمعًا يعتنق فكرًا تربويًّا يسهم في تشكيل أفكار ومعتقدات الصغار الذين كُنا منهم يومًا ما.
تنبيه هام:
وجه الكتاب النقد لعدة افكار وكتابات منها، اللامدرسية، السير كين روبنسون، مونتيسوري، التعليم المنزلي، كتاب خلف أسوار المدرسة باعتباره قد جمع فيه عدة أخطاء تتعلق بالبحث في العلوم والفلسفة التربوية، وهذا لا ينفي ما في الأفكار والكتابات السابقة من نفع كبير.
تنبيه أهم:
لا علاقة بين كتاب المدرسة وبين نشأة الكليات، إذ إن موضوع نشأة الكليات هو جزء من أجزاء كتاب المدرسة، فكتاب المدرسة عام فيما يتعلق بظهور أو نظام مدرسي "إلزامي" في التاريخ على يد مارتن لوثر في القرن الخامس عشر وصولًا إلى عصر مابعد الإنسانية أو المعروف في الوسط الثقافي العربي باسم بعد مابعد الحداثة، وما بين تلك الفترتين من نظريات علمية وفلسفية وفنية وأدبية حكمت على مفهوم التعليم والتربية، ثم يستعرض الكتاب تاريخ التربية والتعليم منذ النصوص الأدبية الأولى في الحضارة الإغريقية مرورًا بالرومانية والإسلامية-العربية، أما كتاب نشأة الكليات خاص بموضوع واحد من التعليم وهو الكليات في الحضارة الإسلامية.
- Format:Paperback
- Pages:600 pages
- Publication:2022
- Publisher:دار الدليل الأمين للنشر والترجمة
- Edition:كُتب النص الأصلي لهذا البحث سنة 2019، ومنذ كتابته إلى نشره لم يُعدل فيه إلا ما يتعلق بالتنسيق والضبط اللغوي، أما أفكاره فكما هي لم يصبها تغيير.
- Language:ara
- ISBN10:
- ISBN13:
- kindle Asin:B0DM4ZC54M









